إبراهيم المقادمة.. القائد والمفكر
تمر علينا الأيام والسنين وتجدد ذكريات العظام الرجال الذين ضحوا من اجل الدين والوطن بأغلى ما يملكون بأرواحهم من أجل إعلاء كلمة لا اله إلا الله علية خفاقة ولطرد المحتل الصهيوني من هذا الوطن الغالي فاليوم تمر علينا الذكرى الرابعة لاستشهاد القائد والمفكر الدكتور الشهيد إبراهيم المقادمة فنستذكر سويا بعضا من ملامح وشخصية هذا القائد العظيم الذي رحل بجسده ولكن ذكرياته وعلمه ما زال باقي في عقول أبناء الشعب الفلسطيني عامة وفي عقول أبناء حركة حماس والقسام بصفة خاصة .
عشرون حمامة تحلق فوق الجثمان، وتقترب رويدًا رويدًا من جسده الطاهر في ملابسه المنداة بدمه.. تقترب الطيور إلى مستوى رؤوس المشيعين بالقرب من الجثمان، ثم ترتفع، ربما تبشره بما رأت من منزله الجديد.. أو كأن الفضول قادها لتشاهد هذا الذي تستقبله السماء بكل هذا الفرح.. طوّفت الحمامات في جو معبق برائحة المسك الفوَّاح.. هذه الرائحة التي تسابق المشيعون إلى تنسمها من الجثمان، بل ووضع المناديل على الجسد القوي علَّها تتشبع ببعض من ريح الجنة.
لم تُروَ هذه الكرامات في أحد كتب السلف الصالح، ولا هي جزء من التراث الصوفي، وإنما شهدها ربع مليون فلسطيني في جنازة أحد رجالهم الأفذاذ..
ما كان ذلك المسجّى على الأعناق إلا الدكتور إبراهيم المقادمة في مشهد عرسه الذي امتد إلى مسيرة الـ100 ألف في البريج والمنطقة الوسطى، ومسيرات حاشدة في اليمن وسوريا ولبنان والسودان؛ لتحيي ذكرى القائد المقادمة، ولترفع علم الجهاد والمقاومة.
إنه نفس الرجل الذي تعود جيرانه أن يروه في المسجد الملاصق لمستشفاه، ممسكًا بمسّاحة لتنظيف أرضية الحمامات، رافضًا بإصرار شديد أن يقوم واحد من الشباب بتحمل هذا العمل عنه.
وهو ذاته الذي فقد ولده الأكبر أحمد عام 1990 أثناء وجوده في سجون الاحتلال، ولم تفتّ هذه المحنة في عضده؛ فحين أبلغه أحد المعتقلين بالنبأ الحزين، واقترح أن يفتحوا بيتًا للعزاء في السجن، طلب منه المقادمة تأجيل ذلك لحين إتمام درسه اليومي الذي يلقيه بعد صلاة المغرب.
الدكتور الشهيد إبراهيم المقادمة
الدكتور إبراهيم أحمد المقادمة، العقل المفكِّر لحركة الإخوان المسلمين في فلسطين، القائد المؤسس لحركة المقاومة الإسلامية حماس، القائد الأول للجهاز الأمني لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وهو القائد العسكري لكتائب الشهيد عزّ الدِّين القسَّام عام 1996، الذي أجبر العالم على الاجتماع في شرم الشيخ؛ لينقذ الكيان الصهيوني من ضربات القسَّام التي أعقبت استشهاد القائد المهندس يحيى عياش.
لم يكن إبراهيم المقادمة مجرد شخصية عسكرية أو سياسية فحسب، وإنما كان له من العلم نصيبُ الذين فتح الله عليهم.. في العقيدة كان عالمًا، وفي التفسير كان مجتهدًا، وفي الحديث له نظرات، ومع الفقه له وقفات، كما كان شاعرًا (طالع بعض شعره) ومفكرًا، وصاحب نظرية في التربية، رغم أنه حاصل على بكالوريوس في طب الأسنان!!
لذلك كله اغتالته قوات الاحتلال الصهيوني أثناء توجهه إلى عمله في مدينة غزة، مع ثلاثة من مرافقيه صبيحة يوم السبت 8 مارس 2003..